صبيحة غير عادية تلك التي عشتها في شوارع المدينة اليوم. ..بداية كنت احث الخطى من المنزل إلى المحطة الغربية للمدينة قصد العمل.كانت أفكار كثيرة تجول برأسي حول تفاهة واقعنا سياستنا و مجتمعنا هو الآخر ..بين الحين و الآخر تمر بي حافلات الحملات الانتهابية أو الإنتخابية الفارغة إلا من صغار و بعض اللافتات الإشهارية التي أمعن الكثيرون في التنكيل بها عبر الولاية ككل. .. غير أن الهدوء لم يدم طويلا بعد ليلة عاصفة بالرياح ممطرة عند الفجر و كأنها تتهيأ لما هو قادم .
كنت قد قررت المشي حتى المحطة و لعل ما عزز من قراري ذلك الطابور الطويل بطيء الحركة من السيارات و الحافلات الذي لا يشجع على امتطائها أبداا. .. في البداية كان الأمر عاديا لكنني بدأت انتبه أن الطابور أبطأ من العادة و أن الكثير من المحال التجارية كانت قد أغلقت أبوابها. كان هاتفي النقال يرن بجنون بينما كانت الافكار و الفرضيات تهز مخيلتي حول الكثير مما نسمعه هذه الأيام أجبت أخيرا على الهاتف بعد عدة محاولات كنت اتجاهلها بداية و كان صوت أخي ينبعث قلقا من الجهة الأخرى: أين أنتي الآن ؟
بدا لي السؤال غريبا ففي العادة لا أحد يسأل عني أين أكون أو لأين أذهب!!! لذلك أجبت باستغراب: وسط المدينة لما ؟؟ و نطقت لما هذه بانزعاج هههههه
أخبرني أن الوضع غير مطمئن و أن أحدالباعة الفوضويين اقدم على حرق نفسه بعد مشادة كلامية مع شرطي حاول منعه من وضع طاولته بجانب احدى المدارس الابتدائية و أن الوضع آيل للاحتجاج الذي يتحول عندنا بسرعة إلى فوضى فيفقد شرعيته و يتحول أخيرا انتقام بين المواطنين أنفسهم فهذا يهاجم سيارة الآخر و الآخر يهاجم المارة و هكذا. ..
أرعبني الأمر و جال برأسي خطاب أحد السياسيين القذرين ممن حذروا من مقاطعة الإنتخابات لأنها تعني العودة لعشرية الدم الحمراء. .. استغفرت الله و استمريت في طريقي بينما كثر العائدون بوجوههم الفزعة من الجهة المعاكسة لسيري و استغربت اكثر الامر لأن الحادث بعيد عن وسط المدينة .
لما لاحت لي الامواج البشرية من بعيد أدركت أن الوضع في تأزم بالفعل و بما أنه انتقل إلى مواجهات مع الشرطة التي تختبأ عادة.و تدافع عن نفسها بالغازات المسيلة للدموع فالوضع غير مطمئن و لا ريب سيتجه المحتجون إلى محاصرة مقرات الشرطة خاصة ذلك الذي سأمر بالقرب منه في طريقي .كانت الشعارات المختلفة تصدر عن تلك الأمواج و أفراد من الشرطة لا حول لهم و لا قوة يحاولون تهدأت الامر و كما عادتي في الإحتجاجات من أيام الجامعة و قبلها حاولت الإقتراب أكثر ..صرخت في وجهي امرأة فزعة إلى أين أنت ذاهبة من الممكن أن تتعرضي لأي مكروه إنهم لا يعرفون حتى كيف يحتجون. .. و كانت صادقة فهم فعلا لا يعرفون كيف يكسبون تعاطف الناس بل بكل ذلك الترهيب يبعثون في الناس كرها لكل تلك الاحتجاجات التي تهدم و لا تبني. .
حاولت سحب هاتفي لألتقط صورا بالزوم لذلك المشهد لكن رجلا ملتح كان يطرد الأولاد إلى بيوتهم نصحني بعدم فعل ذلك. .سمعت النصيحة مرة أخرى بعدما نظرت إلى ساعتي و أدركت أن الوقت أزف عن موعد عملي و أنه لا يمكنني إختراق تلك الجموع من دون أذى فعدت أدراجي و سلكت طريق الكورنيش الذي لاحظت فيه مناوشة بين اصحاب الحافلات التي غيرت مسيرها نحوه و بعض المارة أو المحتجين و وصلت المحطة أخيرا لآخد الباص إلى العمل و كنت أفكر إذ ذاك كيف أن النفس أصبحت رخيصة في بلدنا هذه و كيف تزهق الناس أرواحها لأشياء لا تستحق و كنت أتمنى فعلا أن لا يتوفى هذا الشاب إذ كيف سيقابل الله عزوجل بعد ذاك
هي حقيقة فوضى، فوضى الافكار وفوضى التصرفات.. فوضى اننا لانعلم بعد اننا فوضى.. لن يحتاج كل ما حدث منا الا ان نتمنى وفقط ان نصبح يوما ما شيئا..!.
استغرب كيف بحرق البعض نفسه بدعوة الاحتجاج واستغرب اكثر اندفاعا يسمى رد الاعتبار هو اكثر منه ظلما للكل يحتاج لان نرد اعتبارنا منه ..
إعجابإعجاب
و الله أخي قادة المشكلة الأفدح أن هذه السلطة الفاسدة تشجع على كل هذا فيعقدون جلسات تهدئة و استغفال لعائلة المنتحر و يتآمرون و يخططون لمنح فريق الحي الذي ينتمي إليه الشاب نقاط الصعود إلى القسم الجهوي على حساب فريق آخر لا يهم فالمهم أن يهدأ الجميع و يستغلون فرحة الأنصار لدفنه! !!! أي سلطة نملك ؟؟ و أي نظام هذا الذي لا يملك حلا لأي شيء إلا المداهنة و التهدئة و محاولة تغطية الشمس بالغربال فليعلنوا عجزهم و ليرحلوا عنا. …
للعلم فقط البارحة حاول شاب سطايفي بجامعة جيجل حرق نفسه بدعوى أن عون الأمن أهانه ؟؟؟ لا تستغربوا أن أحرق نفسي إذا أحسست بأن أحدهم نظر إلي بعنف! !!! سبحان الله ….دمت بخير
إعجابإعجاب