imagesCALXBSMD

لازال كلام الرئيس الذي سيضل رئيسا رغما عن التعددية المسكينة في الجزائر يرن في أذني وهو يقول في كلمته تلك" لن نسمح بإدخال السياسة إلى المدرسة" أما اليوم وبعد أن ذاق لذة الكرسي وتلذذ بكراماته التي لا تنتهي في دولنا العربية وفي تسع سنين لا أحد ينكر فيها ما قام به من إنجازات وذلك أقل ما يمكن أن يبذله رئيس أقسم على خدمة بلاده ، قلنا أنه وبعد تلك السنين يأتي الرجل ليعبث من جديد بالدّستور- كعادة الرؤساء الجزائريين عندما يستلذون الجلوس على العرش – ويعيد تفصيله على مقاسه، وبعد الترشح المنتظر تبدأ الحملة قبل الإنطلاق الرسمي لها، والمؤسف حقا أن تمتد حمى السياسة إلى المدرسة التي لن يسمح على حد قول الرئيس بأن تسيس من جديد لكن الواقع شيء آخر أروي لكم اليوم شيئا يسيرا منه.

لنسيّس يا تلاميذي..

تعليمة وزارية بعد أخرى، تصل تباعا..تحث وتأمر وتهدد وتتوعد أما المديرون و المعلمون فلا حول ولا قوة، وتطبيق التعليمة المقدسة لازم فوق كل شيء.

جلست إلى تلاميذي الصغار وقلت لهم لنتحدّث اليوم عن الإنتخابات، تباينت على وجوههم علامات الحيرة والدهشة عن هذا الوافد عليهم فهو ليس نشاط معتاد و مقرر عليهم ضمن دروسهم، قلت وأنا أزدري الحرج بداخلي: من يقول لي ما الانتخابات ؟

ردّ أحدهم قائلا بحسن نية زائدة : لن ندرس ذلك اليوم يا معلمتي..انفجر القسم ضاحكا فحاولت إسكاتهم قائلة : أجل أجل لن تدرسوا ذلك اليوم واليوم الذي قبله. فانفجر القسم مرّة أخرى: ويييييييي وكأننا في ملعب النار بسطيف.. لم يكن يهمهم في الأمر إلا العطلة الموعودة.حاولت إقناعهم بأن الإنتخابات هي الإختيار رغم اقتناعي بأنها في بلدي تعني الإجبار ورحت أتكلم وأتكلم محاولة إقناع نفسي من خلالهم بحث أوليائهم على الذهاب للإنتخاب غير أنهم كانوا يستمعون كلماتي باستغراب وكأنني أتكلم عن معادلة كميائية..في الأخير قلت لهم هل فهمتم ما هي الإنتخابات، قالو جميعا قولتهم المشهورة : ناااااااااعم " أي نعم" وقفزت أسألهم من جديد إذن أخبروني يا أعزائي ما هي الانتخابات ؟ لكن الصمت خيم مرة أخرى باستثناء همهمات هنا وهناك تتخللها ضحكات : مانقراوش " أي لن ندرس" وأدركت كم هي غبية تلك التعليمات الوزارية التي تريدنا أن نسيس داخل المدرسة مع أطفال لم يبدؤوا القراءة و الكتابة بعد.

بعد يومين جاءت تعليمة لعينة أخرى تتحدث عن فعل الإنتخاب المقدّس الذي يدنّسه الجميع كلّ موعد إنتخابي، وطبعا الجميع هنا هو كل طبقات الإدارة الفاسدة، جلست مرة أخرى لتلاميذي الصغار وقلت لهم : سنتحدّث مرة أخرى عن الإنتخابات. قفز أحدهم قائلا : معلمتي قالت لي أمي عندما أخبرتها عن الإ ننتحاببات " وهي تهجيته لها" فقالت لي : لاتتدخل في شؤون الكبار والليبالوا يروح ينتخب ينتخب وحدوا…كدت أدخل في نفسي من شدّة الخجل، فقد أحسست في تلك اللحظة أنني كلب من تلك الكلاب النابحة المطبّلة والمزمرة فقررت الكف عن تقديم الدرس الخاص بالإنتحابات على حد قول التّلميذ، وكفرت بجميع التعليمات اللّعينة من الوزارة التي تمارس كل شيء باستثناء التربية والتعليم.

وأنا كجنس ثالث لا يتمنى أن يكون لا كالأوّل ولا كالثاني أعرف عزّ المعرفة أن المقولة الشهيرة بأن" الجزائر فوق كل اعتبار" ، أصبحت اليوم وفي عهد رئيسنا المبجّل "الكرسي فوق كل اعتبار".

                          و السلام عليكم.